Jan 11, 2020

طيف الغمام

مرّت العملية بسلام.

مضت دقائقَ تفكّرٍ تحت جهاز معقد، لا يدرك المرء إلا ضوءه ورائحة احتراقٍ طفيفة ثم ينقشع الضباب وتتضح الرؤية؛ كأنما انقشع الغمام.

من كان يتخيل أن سنواتٍ قُضيت بصحبة النظارات الطبية ستؤول إلى الزوال، ويحلّ محلّها نظر سليمٌ تبرز فيه التفاصيل وتنجلي له آيات الجمال.

كانت أولُ فرحةٍ لمّا بزغ الصباح. فتحت عيني. ممنوع عليّ فركهما. رفعتُ رأسي عن المخدة ليسبح نظري في الغرفة. إنني أرى الساعة بوضوح على بعد مترين! كم يبدو شريط الأخبار لطيفاً بخطّه الصغير بعد ذلك! ولِمَ لم أنتبه يوماً أن الشجرة في دار منزلنا جميلة إلى هذا الحد؛ كثيفة الأوراق والأغصان. لكن لا يخفى على أحدٍ أن الإعلانات على جانبي الشارع أصبحت مزعجة. 

لقد أبهت ضعف البصر كثيراً من التفاصيل البديعة، وكان عوناً على غيرها، ثم أصبح فيما بعد سبباً في استشعار قيمتها واستذكار وجودها كل فينة.

مرت العملية بسلام، اتضح فيها البصر وتقوّت فيه البصيرة؛ كم من ما لا نراه وفيه الحلاوة، وما نراه وفيه البلوى. وكم من عابر سبيل يرى، وناظرٍ لا يرى.

#حنان_فرحات ٢٠٢٠ 
#تمرين_كتابة ١٢