لم يتغير كل شيء فجأة. ينسحب كل تفصيل على حدة، كأن بساط العادات يتحرك مع تيار الحياة.
لم أعد أستيقظ باكراً. لو علم جدي بالأمر لأزعجه كثيراً. لا يفهم كيف يمكن لشخص أن يفوت ساعات كاملة من النهار في "لا شيء". أعزّي نفسي بأن السبب جهد أمس. أو هي المعدة الممتلئة، أو الصباح البارد.
لفافة الفطور لم تعد تتدلل في غنج "اللبنة". صارت تتفرق بين الموجود والمطلوب وما ترغب العين وما تشتهي النفس. كأس الماء لم يعد من صنبور المنزل، لم يعد من عين الضيعة، لم يعد مجانياً. صار الماء النظيف يصل إلى باب المنزل بدل صنبوره؛ ويعبأ في قناني البلاستيك بدل الخزانات الكبيرة.
شمس النهار أصبحت زائراً خجولاً يتسرب بين البنايات، وعوضاً عن ساحة المنزل صار "موقف سيارة" واحدٌ. جيران الصباحيات وسلاماتهم اختُصرت بترحيب الناطور، وبائع الخضار عند زاوية الشارع صار مقصداً ممنوعاً. يطلب منك بحذر أن تبتعد قليلاً بينما تطلب حاجياتك كي لا تلتقطك عدسة كاميرا ما في الجرم المشهود فتكلفه غرامة كبيرة بسبب الحظر المفروض في زمن كورونا.
أطفال يعملون في توصيل الحاجيات من الدكاكين المتوزعة في الحي بدل الدروس الصباحية، وتلويحة للثلج من بعيد، يتساقط على الرفيد - قريتي الحبيبة- فيما ينزل المطر سخياً في الحي الجديد.
كان كل تفصيل ينسحب من المشهد على حدة. لم يتغير كل شيء فجأة. لم يتغير أي شيء فجأة.
#في_الحي_الجديد
#حنان_فرحات | ٢٠٢١