الحبّ أبجدية وغرقت في الألف | حكاية نادي كتاب
ملاحظة: في النص أدناه حب وودّ كثيران
قد لا يتناسبان مع أصحاب القلوب الصغيرة !
حنان فرحات | 2019
كولومبوس- أوهايو
إن النبتة، والطفل والفكرة، يكبرون
ويتألقون يوماً بعد يومٍ إن تعهدناهم بالاهتمام.
ويُقال الكثير في أهمية الاستمرار على
الشيء حتى يصبح عادة، حتى إن البعض يتمسكون بالأرقام، فيربطون المثابرة برقم 21 أو
30 أو غير ذلك...
لكنّ التجربة خير برهان في هذا
المجال، وإليكم قصتي.
21 آب 2016
اجتمعتُ و4 فتيات (سنى - بيان - آلاء
- لين)، على فكرة نادٍ للقراءة. كانت الفكرة خلابة: اسمٌ للنادي؟
هل يكون ألف باء؟ أم يكون همزة؟ أم
نون؟ تكاثرت في مخيلتنا الأحرف، واجتمعت في حضرتنا الأفكار والصور لفواصل كتبٍ
وأكواب شاي وقرّاء كثُر كثُر!
ولمّا استقرينا على الاسم البديع،
"ألِف"، وطُبعت في قلوبنا المحبة له، احترنا في شعاره... تارةً نكتب
"أ" وأخرى نرصف فيها كتباً يتكئ عليها الحرف، ومرّاتٍ نزيد كوب شاي، ثمّ
بعد لقاءين أو ثلاثة، كان شعاره الجميل.
وأمّا الألوان فما اختُلِف عليها...
كل ما هو فرِح سيَدُلّ علينا... سيكون ألِف علامة للبهجة، وسيجمع محبي القراءة،
ومحبي الكتاب على وجه الخصوص.
وأما النشاطات فعصفنا أذهاننا لما
يكفي أشهراً عديدة... وجعلنا في بالنا للنادي روزنامة ثريةً، حتى لم نعد نرى غيره
حتى قبل أن يولد.
شعار نادي ألِف للكتاب |
16-أيلول 2016
أطل شعار ألِف على العوالم الاجتماعية
يسترق النظر على ردود الفعل. هل سيحبه الناس؟ هل سيتقبلونه؟ هل سيقبلون به صديقاً
صدوقاً؟
أصبح لألف صفحات على موقعي انستغرام وفيسبوك. خلال يومين، أًصبح له 500 متابع ... ها هو يضع قدميه الصغيرتين على الأرض. إنه يستعد للحبو!
أصبح لألف صفحات على موقعي انستغرام وفيسبوك. خلال يومين، أًصبح له 500 متابع ... ها هو يضع قدميه الصغيرتين على الأرض. إنه يستعد للحبو!
25 أيلول 2016
لقاء ألِف الأول انعقد.
كانت كل واحدة منا مقطبة الحاجبين تحاول
أن تبتسم. هل سيحضر أحد اللقاء؟ ما الذي يهم. نناقش الكتاب وحدنا. خمس فتيات يكفين
لإدارة حوار حول كتاب "أم سعد" لغسان كنفاني. ونأكل الحلوى وحدنا، لا
مشكلة. صرنا نحدّث بعضنا بذلك مداراة لقلوبنا من خيبات الأمل. بعد إعداد شهر،
سيكون صعباً علينا ألا نرى مناصرين لفكرتنا، محبّين لجلسات القراءة...
وما ان اقترب موعد اللقاء حتى علا وقع
الأقدام.. واحد، واحدة، ثلاثة، اثنان، وهكذا حتى صرنا سبعة وعشرين وربما بلغنا
الثلاثين.
اتّسعت مُقَلنا مع ازدياد الوجوه
المطمئنة، وهدأ روعنا من البدايات... لم يعد للحضور لاحقاً نصف من حضر ذلك اللقاء.
لكن النصف الثاني بقي، وهذا ما يهم. كان كل لقاء بعد ذلك يكسبنا صديقاً جديداً على
الأقل، ومهما غابت الوجوه عنّا، كنّا نوقن أنهم سيعودون ولو بعد حين.
صورة من اللقاء الأول |
4 كانون الأول 2016
زرنا معرض الكتاب، وكان ذلك أول مشوار
لنا كعائلة. أحسسنا بروح الفريق، ونُبلِ الهدف. لا شكّ بأن الخوف من القادم قد
كبّل أيدينا عن التوسع كثيراً في النشاطات، والجموح بعيداً في التصورات، لكننا كنا
نمشي خطوة خطوة. كان ألِف يسير، وذلك كان ما يهم.
دخلنا عام 2017 بقوة. كنا شعلة تتقّد
حماسة، فاستضفنا كُتّاباً عبر سكايب وعبر الهاتف، وجربنا دمج الفيلم القصير مع
المناقشة، فاشتدّ عود الفريق وثبتَ الحضور وأصبح شعورنا بالانتماء للنادي واضحاً
كالشمس. وعلى ذكر الشمس، كانت لنا خريطة صيف خلابة، تنقلنا فيها بين بيروت وصيدا
وبرالياس فتعرفنا على قرّاء في مدرسة الإيمان في صيدا، واستمتعنا بالنقاش مع نادي
القرّاء في بيروت، وتذوقنا طعم المناقشة في مكتبة برالياس العامة.
كما أصبحت للنادي علامته المميزة؛ فواصل القراءة الخاصة به!
أول فواصل كتب اعتمدها النادي |
29 أيلول 2017
السنوية الأولى.
لبس النادي أبهى حلله، وتألق للاحتفال
بعيده الأول. ها هو قد كبر عاماً، ونحن ننظر إليه كما لو أنه حلم ينزل من السماء.
لم تصبح كثير من أفكارنا حقيقة بعد، لكن في الوقت متسع، والقليل الدائم يصنع
فارقاً.
اجتمع أعضاء النادي على غداء تكريمي
نظمته مدرسة الروافد، تخلل جلسات نقاش حول مسار النادي، ثم نشاط تبادل الكتب بعد
عرض فيديو يلخص نشاطات النادي في السنة السابقة.
كانت الصورة الجماعية مسك الختام، ولا
زالت تطبع على وجوهنا الابتسامة كلما مرت في البال.
الكتب التي تم تبادلها في الذكرى السنوية الأولى |
في عامه الثاني، وبالتنسيق مع خدمة
التوصيل المجاني للكتب: بوكبوست، تم تأمين حسم خاص على قوائم ألِف للكتب وحسم خاص بحمَلَة
بطاقة عضوية نادي ألِف. استضاف اللقاءات عدة مراكز، منها بيت ليان ومركز بصمات، وكرر
زيارته إلى معرض الكتاب وإلى نادي القرّاء في بيروت، ثم توالت اللقاءات حتى
السنوية الثانية. أصبح له ملصقات تحمل شعاره وبطاقات عضوية واكسسوارات اللقاء، لكن الأمر لم يكن بالسهولة التي يبدو عليها. واجهتنا مشاكل ومواقف
محبطة. كانت لنا لقاءات بقلّةٍ من الحضور، وتوتّر قبل نقاش مشحون، وإعدادٌ مضطرب
في غمرة انشغالات، وخوف من مستقبل يتأرجح على كفّ عفريت. بدأ عقد فتيات النادي
الأُوَل ينفرط. سافرت الأولى وهمّت الثانية بالسفر. ولا شيء واضح في الأفق عن مصير البقية. أصبح
السؤال يطرح نفسه بقوة: هل ستستمر الحكاية؟!
30 أيلول 2018
اللقاء ال 22.
بذلة الغوص والفراشة، نوقش الكتاب
الذي كُتب بجفن العين اليسرى، ثم احتفل الأعضاء بالسنوية الثانية. تناولوا الطعام والحلوى وتم تبادل الكتب. كان الحضور
كثيفاً، لكن بعض الوجوه كانت غائبة. أصبح غياب البعض مؤلماً بعد أن الحضور مفرحاً.
لكنّ على النادي أن يستمرّ. على الفكرة أن تبقى لأجل الفكرة، لا لأجل الأشخاص.
ترك الجميع رسائلهم لألِف الجميل
يومذاك. "أنجز لو بعين واحدة"، "نادي ألف، محطة تغيير"،
"ألِف هو أحد الصرخات التي قال عنها درويش: وأصرخ لأعلم أنني ما زلت
حياً..."، وغير ذلك الكثير.
الرسائل التي تركها الحاضرون للنادي |
كُتب بهيةٌ نوقشت بعد السنوية. كانت
الاختيارات موفّقة، بعد أن كان الموضوع تحديّاً في البداية.
29 نيسان 2019
اللقاء ال29. الدجاجة التي حلمت
بالطيران. نوقش الكتاب.
كان الأمر صدفة غريبة، دجاجة تحلّق
بعيداً عن السرب، تعيش الاختلاف لكنّها تقتنع أخيراً أن الاستمرار يحتاج إلى
تضحيات. تركت ابنها فرخ البط – الذي لم يكن ابنها ولكنّها من قام بتربيته- يحلّق مع
بني جلدته لأن مصلحته تصبّ في ذلك. ثم غادرت بالطريقة التي تراها مناسبة.
وها هو ألِف، يحلّق ويغرّد، حيث تصبّ
مصلحته، في أيدٍ أمينةٍ، بين بني جلدته -قرّاؤه وأبناؤه-، بعد أن كان لي شرف
إدارته لمدة سنتين وسبعة أشهر. يلقي التحية إليّ من بعيد، كما يفعل فرخ البط
للدجاجة كلما بدا لها في السماء محلّقاً.
جرى التنسيق لنقل المهمات، والمساعدة
قدر الإمكان لانطلاقة أقوى وأثبت. تم التحضير لمفاجآت في سير اللقاءات، الجو مفعم
بالحماس، وهذا ما يهم!
8 حزيران 2019
إنه يوم زفافي لشريك العمر الذي كان
"ألِف" أحد الأسباب التي وحّدت طريقنا.
ألِف حاضرٌ بالعزيزات اللواتي زدن
الزفاف سحراً.
ألِف كان في العين والعقل، وصار أقرب
إلى القلب منذ ذاك اليوم...
احضروا لقاءات ألِف فإنها -والله- مُذهبة
للكدر والغم، تضفي إلى الحياة لوناً بهياً لا تجده في غيرها مهما تلوّنت أجنحتكم!
رابط صفحة نادي ألِف للكتاب على فيسبوك:
رابط النادي على انستغرام: