Sep 22, 2012

رواية: الزمن التالي


الزمن التالي

ل: فاتن المر


ملخص:

تقفز بين ال"هو" وال"هي" في سطور روايتها، لتنقل الأفكار والأحداث من منظورين مختلفين بطبيعة اختلاف آدم وحواء. ومن الصعب أن تدرك في البداية إذا ما كان "الزمن التالي" هو الحاضر الذي تلا الماضي، أم انه المستقبل الذي سيتلوا الحاضر. إلا أنه في كل فصل من فصول الرواية، يتغير تعريف الزمن ليحوي أبعاداَ أخرى أشد إيلاماَ من سابقتها. فالقصة تروي تفاصيل من حياة الكاتبة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان فيما سمي-حرب تموز.
تصف فاتن،  بدايةَ، الزمن الذي وصلوا إليه، حيث تناسى أصحاب القضية مبادئهم، ودفنوا مع جثامين شهدائهم  انتصارهم لمعتقداتهم وأملاكهم  وقيمهم. فتواروا بذلك خلف الضوضاء ليغضوا نظرهم عن الفساد الذي أضحى شاملا للقيادات والشعب على السواء.
 هو زمن الأعصاب المشدودة حيث ينتفي مبدأ الحوار الهادئ والنقاش المجدي... زمن تختلف فيه الأولويات، خاصة بعد ان تضحي هي بعائلتها لترتبط بشخص لا يوافق رغباتهم..و يكون هو قد ضحى من قبل بزوجته وابنه في محاولة لاغتياله سرقتهم من حياته...
تتكلم على زمن تعود فيه لتلتقي بأصدقاء الصبا، فتلحظ الأثر الذي تركه الزمن عليهم..ويلتقي فيه زوجها برفاق السلاح والمقاومة بعد أن يفك أسرهم..فيرى الوقت قد سلبهم جلَدهم وأورثهم الخوف بديلاً عنه..
تتكلم على زمن ينحر فيه الوطن بنسائه وأطفاله وبنيانه...على ميتم يهدم على رؤوس قاطنيه... على مشافي تضيق بمرضاها... على شعب يعيش على المهدئات كي يستطيع كبت عويله وصراخه...
هو زمن يحل فيه التعب على النفوس والأجساد بعد ان تعصف رياح الحرب  بأحاسيسها المدوية من الخوف الى الامل  الى اليأس الى الحزن الى الفرح بالنصر...بعدها، هدوء قلق وترقب لما سيحصل، دون أي سلطة على ذلك. ..هو زمن  يتوجب على الشعب أن يخوض فيه مصالحة مع الجسد، وأخرى مع النفس، واخرى مع الذاكرة...
زمن فاتن المر هذا ، يجمع بين من يصاب بطلقات الرصاص فينزف دون ان ينبس ببنت شفة...يكابر على جرحه الغائر.. وبين من يتاوه بمجرد ان يشم رائحة الدماء... في زمنها توجب عليها ان تحمل همها، وهم زوجها، وهم الايتام، وهم أصدقائها...وهم الوطن ! لكنها أنهت لوحتها حين غادرت بعد دوي انفجار ما...
سال الدم بكثافة،...سبح رأسها بعيداً عن جسدها..حينها فقط..أحست بالعدل...ووجدت إجابة على سؤالها المعتاد: "لم يسقط بعض الشهداء في الحرب دون غيرهم؟ لم هم، ولست أنا؟؟...فسقطت هي..وأشرفت على زمن تال،مبهم المضمون والقسمات.

رواية : مذكرات دجاجة

مذكرات دجاجة
للدكتور: إسحق موسى الحسيني- 1943


ملخص:
يصف الدّكتور إسحق في روايته هذه حياة دجاجة كان يطعمها بيده ويراقبها يومياً،..ولعلّ حياة دجاجته هذه  التي كانت على قيد الحياة عام 1943 هي أقرب إلى الحياة البشرية المثالية النادرة الوجود في مشارف عام 2013..
فالدجاجة بعد انتقالها من منزلها القديم إلى كنف الدكتور الراوي، لم تزل تمدح مالكيها القدامى وصديقاتها اللواتي فارقتهن، وتبرر لهم إبعادهم لها عن مجتمعها الصغير، وتأسف على ذلك بالرغم من قلة الطعام الذي كان يقدم لها.. فهي قنوعة، محسنة الظن، ووفية، ذات لسان فصيح وعقل واع وحديث عذب وسرعة بديهة.
وحين ألفت المنزل الجديد، واعتادت على وفرة الطعام، وتنظيم وقت الوجبات، والنظافة الدائمة، استشعرت نعمة الحب التي يشارك الديك بها دجاجاته، ونعمة العدل التي ترسي بينهن مبدأ الإيثار والكرم. فكانت العون لزوجها الديك في عجزه، متفكرة في الخلق وتفاوت القدرات بين الصحة والمرض. ولم يفتها التخطيط لمواجهة المخاطر إذا ما غاب عنهن سَنَدُهُنَّ ووليّ أمرهن، فهنّ وإن كنّ إناثاَ، لهنّ الحق في البقاء والشعور بالأمان.
ثم سعت هذه الدجاجة النجيبة إلى تقويم طبائع أترابها من الدجاجات، لتَوحّد شملهن بعد أن تشتّت. فتحملت نعت الدجاجات لها بصفاتهن وأهوائهن من حسد ونفاق وشره وخيانة وغيرة. وصمدت أمام تكاتفهن لصدها عن تطبيق مبادئها. وكان إذ مات الديك ..فبكين عليه بكاء المفجوعات إلى ما شاء الله، ثم تفرقن عن بعضهن لا يجمعهن إلا سور القن، فجمعت الدجاجة العاقلة أترابها، وتكلمت فيهن موضحة انهن ضعيفات إذا تفرقن، قويات شديدات إذا اجتمعن، وأنما سلاحهن الباقي هو الإيمان والتكاتف. فانكفأن يواسين بعضهن بفيقدهن ويذكُرنَ محاسن بعضهن.
وعاد الحنان والرفق إلى القن،..حتى كان يوم نزلت فيه غريبة إلى الديار، ملتجئة خائرة القوى..تشكو كبر الأسرة وقلة مؤونتها وقسوة طبائعها. فوجدت ما تبحث عنه من الأمان والتفاهم والاستقرار. وقررت العاقلة الاطلاع على ما وصفت الغريبة، فغامرت بمغادرة القن، وبعد سير مضنٍ ، رمت ما حملت من الحبّ السمين أمام السياج ورأت من صدق أقوالها ما رأت. ولم تمض أيام، حتى قررت الغريبة العودة إلى مجتمعها الأصلي لتزرع فيه مبادئ العاقلة، وتبلغ رسالتها السمحاء.
وفي صباح يوم دافئ، خرج إلى الوجود خمسة عشر مولوداَ، أصبحوا الشغل الشاغل للعاقلة، فتولّت تربيتهن وتنشئتهن على حب الخير والإيثار والنخوة، وفصلت بينهم في النزاعات  والمشاكسات.وكانت لهم الدليل إلى الكدّ والتعب في سبيل كسب الزاد في أوقات الشح والقلّة، فمثّلت لهم الثورة على سور القن والحدود القديمة التي ستؤدي إلى هلاكهم في ظلّ تغيّر الوضع المعيشي.
واشتاقت العاقلة للغريبة، فقررت الخروج للاطمئنان عليها، ومشت على غير هدى، لتواجه عقبات عديدة في طريقها إليها. ومن ذلك أنها واجهت عملاقاَ بشريا قام بملاحقتها فراوغته بذكائها حتى أضاعها او بلغه من التعب ما أوقفه عن ملاحقتها. وصلت إلى حدود قن صديقتها، فالقت عليها نظرة من بعيد، لتراها تسير وتأكل الحب بين أترابها في جو من المودّة، الأمر الذي كان كفيلاً لإبلاغها أنها نجحت في مهمتها.
وعند عودتها، قصّت على أترابها ما واجهت، فانخرطوا على مدار عدة أيام يروون ما يعرفون عن العمالقة ويتناقشون في أمورهم.. وعجبوا لتقويم البشر أنفسَهم دون قاعدة محددة. فتارة يقدرون أنفسهم بالمال فيقولون فلان يساوي وزنه ذهباً، وتارة بالقوة فيقولون فلان يساوي ثلاثة رجال، وتارة بالجاه وتارة بالرذائل وتارة بالفضائل وتارة بالعقل وتارة بالعلم وتارة بالنسب..! ونسَبت الدجاجات كثرة الموازين لضخامة الجثث البشرية..!
وفي يوم، بعد أن أووا الى المضاجع مبكرين، بعد أن نعموا بالطعام والشراب اليسير، فُتح الباب وجالت يد العملاق المالك تقبض على أتراب العاقلة وتبعدهن عن الأنظار..حتى بقيت العاقلة والدجاجات والديكة حديثي العهد فقط في القن. وقد عرف من بقي مصير من رحل، ودبت فيهم رغبة الانتقام.. فعادت مبادئ العاقلة لتسوّغ ما حصل، وتحكّم العقل لا العاطفة، وترفض الظلم ، وإن كان في مقابلة الطغيان.
وتوطدت العلاقة بين الأم العاقلة وحديثي العهد، وأصبحوا يخرجون إلى الطبيعة سوياَ، يتنزهون ويتأملون تساوي الزهور وقناعتها بمصيرها دون خصام على بقعة أرض أو حسد على لون أو غيرة من شكل. وبعد العودة من إحدى النزهات، إذ بالقن يمتلئ ضجيجاَ مصدره ساكنون جدد، فتقاسموا المأوى، وقضوا ليلتهم في ضيق.. إلى أن جاء الصباح.
وحين استيقظت القاطنات الجدد، شهدن وداع العاقلة لأبنائها، إذ أرسلتهنّ رسلاَ يحملون مبادئها، كلٌّ منهم إلى بقعة من بقاع الأرض.. وعادت إلى القنّ لتقوّم من جديد طبائع أترابها الجدد، وتمحو ما فيهم من جهل واعتقاد بتوجب معاملة الكبار للصغار بتسلّط وقسوة واستغلال.