Aug 7, 2013

من فضلك لا تقرأ هذا المقال!


 

"من فضلك لا تقرأ هذا المقال، لأنّه كُتب بهدف إضاعة وقتك. فهو مجموعة من الكلمات المرصوفة عبثاً، لا لتحقيق غرض، ولا إرساءً لمبدأ، ولا إشباعاً لحاجة..أنا أخبرتك أنّه ما من فائدة من قراءتك، ومع ذلك، تصرّ على المتابعة، ولا تأبه لإضاعة دقائق غالية من حياتك.. قلت لك لا تقرأ.. أراك ما زلت متابعاً؟ لم؟ على كل الأحوال، سأكمل إنشاء الجمل التي لا طائل منها، وأنت تابع في عنادك لترى أنه لا نتيجة منه.. هه؟ ماذا؟ لم تقتنع؟.. حسناً.. أضع وقتك ولا تأبه لتنبيهاتي، واستبدل قراءة المقالات العلمية والأبحاث بما أكتب، ..وصلت إلى النهاية؟ أكان ضرورياً أن تشبع فضولك، بدل أن تصدقني؟"

 

خلال قراءتك للفقرة السابقة، نبّهتك إلى أنّه لا جدوى من قرائتك لها.. لكنّ شيئاً ما منعك من التصديق، بل وحثّك على المتابعة لمعرفة ما سيأول إليه الحال أخيراً. هذا السبب الغريب الدفين هو ما نطلق عليه اسم "الفضول". فما هو الفضول؟ وهل يعتبر ضرورة في حياة كلٍّ منّا؟

 

ما هو الفضول؟

"فلان كثير الفضول" أي يحب التدخل في ما لا يعنيه، أو لديه حب الاستكشاف والاستطلاع.

و"أثرت فضول فلان" أي أثرت استغرابه ودهشته.

ولا يمكن وصف الفضول على أنّه غريزة، فالتعبير عنها عادة هو أكثر ثباتاً وأقل مرونة، في حين يبدو هو أقرب إلى العاطفة التي تدفع للتفكير ضمن أبعاد أوسع.

هل الفضول هو ذاته التطفل؟

أبداً. فالفضول رغبة في الاكتشاف ومعرفة الجديد، أمّا التطفل فهو تلك الرغبة الجامحة في الإطّلاع على أسرار الآخرين، وأخبارهم. والتطفل خلق ذميم وآفة قبيحة سواءً دينياً أو أخلاقياً. وقد وجّه رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلينا تحذيراً بأن لا نكون من المتطفلين بقوله:"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".

هل الفضول ضروري في حياتي؟

إليك هذه بعض الآثار الفضول على حياتك، ثمّ قرر إن كان ضرورياً فعلاً أم لا:

- ينشط الذهن، فالإنسان الفضولي دائم السؤال، باحث باستمرار عن الإجابات.

-تجعلك يقظاً لما حولك من أفكار ومعلومات. فحين تشعر بالفضول تجاه شيء ما، يقوم ذهنك بخلق تصورات وفرضيات وتوقعات حول ماهيّته وأسبابه، ويستعد بالمقابل لاستقبال الأفكار والتفسيرات.

-يفتح لك آفاقاً ذات أبعاد لا ترى من الزاوية العادية. فإن لم تكن فضولياً، ستتقبل محيطك كما هو، وبالتالي لن تبحث عن نوافذ جديدة لتفرغ فيها طاقتك.

- يأتي الفضول بالمتعة إلى حياتك، فيكسر القيود الروتينية، ويجعلك على موعد مع التغيير والتجدد والمغامرة يومياً..

كيف أكون فضولياً؟

أيقظ ذهنك:

لتكون فضولياً، عليك أن تستعد نفسياً للتغيير، فتكون منفتحاً لتكتسب الجديد، وتتخلى عن معتقداتك في حال ثبت عدم صحتها.

لا تسلّم بالأمور:

لا تتقبل العالم كما هو، فتنظر إلى عناصره كمسلّمات. بل اسعَ لتغوص في الخفايا وتنظر تحت المجهر.

اسأل باستمرار:

لتصل إلى الإجابات، يجب أن تسأل:كيف؟ لماذا؟ من أين؟...

لا تنظر إلى شيء على أنّه مملّ:

متى نظرت إلى شيء على أنه ممل، تكون قد أغلقت باباً وحرمت نفسك من فرصة. حتى لو لم يكن لديم الوقت الكافي لاستكشاف ما في داخله، لا تغلقه!

استمتع بالتعلم:

لن تتعلّم شيئاً، إن كنت تحسّ أن عملية التعلم عبء عليك.. فمتى استمتعت بها، وقمت بها بكامل إرادتك، قطعت شوطاً طويلاً في إشباع فضولك!

لا تقرأ:

إجعل "لا تقرأ" عنواناً لكلّ ما تراه من مقالات، واجعل فضولك يكمل المهمة !

فضوليون

إليانور روزفلت

"يجب أن تعاش الحياة، ويبقى الفضول على قيد الحياة. لا يجب أن يدير أحدنا ظهره للحياة"

فيكتور هيوغو

"الفضول وجه من وجوه الشجاعة الأنثوية"

ألبرت أينشتاين

"إياك أن تخسر الفضول المقدّس"

والت ديزني

"نتقدم إلى الأمام باستمرار،نفتح الأبواب، ونقوم بأشياء لأننا فضوليون، والفضول يرشدنا إلى مسارات جديدة"

حنان فرحات