الصديقة المجهولة،
تحيةّ طيبة وبعد،
تلقّيت رسالتك منذ أسبوع.
ومنذ أسبوعٍ أفكّر كيف أردّ عليك، وبمَ. ثم قرّرت أن
أردّ عليك علناً.
في الواقع، قد
تلقّيت التهاني بصدور كتابي الأوّل، إن
كان بصورة شخصية، أو عبر رسائل نصّيّة، أو حتى إلكترونية. إلا أن رسالتك هي
الثانية الورقية. الأولى كانت: "نحن فخورون بك"، والثانية أردّ عليك بها
بأنّني حقّاً أفخر بصديقة مثلك.
منذ زمن غير بعيد، اتصلت بي صديقة تنوي زيارتي. قبل أن
تغلق الهاتف، بادرتها على عجل :" أحضري معك الرسائل التي كتبت لك عندما كنّا
صغاراً". قد تبدو الفكرة سخيفة أن تتبادل صديقتان، تمضيان أكثر اليوم سويةً
في المدرسة، الرسائل. لكنّ الجميل حقّاً، كان قراءة الرسائل بعد عشر سنوات. كلمات
مكتوبة كما تُلفظ،.. تحيّاتٌ بعد الفراق بلحظات، وسلامات تغيب في اللقيا فترتسم
على الورق.. أوراق ملوّنة بكل المقاسات..أقلام ملونة استعملت لزخرفة جوانب
الصفحات... وبخطٌ رديء، جداً، كتبنا ما أحزننا حقّاً، وما أفرحنا.. ما تمنّينا،
وما كرهنا.. تخيّلي معي لو أنّ النّاس اليوم يتّبعون الرسائل للإفصاح عمّا في
داخلهم، بدل الحديث بمكنوناتهم إلى الغير.. ويودعونها أمنياتهم ليعودوا إليها في
المستقبل..
في إحدى
الرسائل، كنت قد طلبت منها 20 رسالة متتابعة. لا أدري إن كان ذلك طلباً فعلاً أم
قصاصاً.. لكنّها لم تبدِ تذمّراً في أي من الردود بفضل الله. عندما جاءت تزورني،
جمعت الرسائل بالترتيب، ثم قرأناها كما كتبت: كل رسالة والرد عليها. لا أنا تخلّيت
عن التي كانت قد أرسلتها لي، ولا هي استجابت لرجائي بإبقاء التي أرسلت لها من قبل.
رسالتك أثارت فيّ الحنين للكتابة، وللرسائل، وللأصدقاء.
نعم، الكتابة مسؤولية كبرى. ونعم، نحن نجلس في الصفوف
الخلفية نرقب بحذر ردّات الفعل على أفكارنا التي انتظرنا طويلاً حتى خرجت من الفكر
أولاً، ثم إلى الناس ثانياً. قد لا يدري أحد أنّ امتعاضه عند القراءة قد يُقرأ
بخيبة، كما لا يدري أحد أن دمعة تنزل عند القراءة قد تُقرأ دمعة فرح لوصول المعاني
إلى شغاف القلوب. ولا يدري ذاك الذي يطلب الكتاب بلهفة أنّ لهفته كافية لإدخال
الفرح إلى قلبي. ليس عملي الأوّل كاملاً بطبيعة الحال. لكنّ كل تصويب أو توجيه أو
إعجاب هو دفعة إلى الأمام. ولكم يسعدني أن يكون هو دفعة لكلّ محبّ للكتابة للانطلاق
في رحلة الألف ميل.
تلك المعان التي ذكرت، هي تماماً ما أردت أن يصل. وتلك
الأمنيات هي ذاتها التي رأيتها تلوح أمامي وأنا أكتب.. وتلك الخطوة التي أسبقك بها
ليست أبداً درجة تفصلنا، بل إن عزمك عليها يقرّبنا أكثر.
يسعدني جداً دخول رسالتك إلى صندوقي، كما دخلت كلماتك
إلى قلبي.
ويسعدني انضمام كتابي إلى مجموعتك.
ويسعدني دائماً الاستماع إلى خواطرك، كما قراءة حرفك.
دمت بودّ
حنان
October 31, 2014