Oct 13, 2015

العفريت



 

منذ فترة لم يزرني..
أحتار هل أشتاق إليه أم أخاف منه.. أحتار هل أحتاج إليه أم أتخلى عنه..
ثم حين يأتي، يتلبّسني كموجة صرع، كنوبة جنون، كسكتة قلب..
 في عالم الإنس هو قوّة، وفي عالم الجنّ أنا ضعف..
عفريت يسطو على عقلي.. يمسك بيدي، ثم يسير بها إلى القلم.. يخطو على الورق.. ثم يقفز على الأزرار.. ويتزحلق على الشاشة..
أُصبحُ غير نفسي حين يأتي.. أفكاري تنساب كقطرات تنزفها الغيوم.. قارسةً كالبرد حارقةً كاللهب.. تتسرب كحفنة ماء لا سُلطةَ لأصابع كفٍّ عليها..
وفجأة تراني لا أعرفها.. أتخبّط في علبة مغلقة لا يُعرَف لها باب.. تارة أكتب لشخص، وتارة عن شخص، وتارة عن لا أحد.. ثمّ حين يستوجب الحال أن أكتب، تضيع الأبجدية، ويطير النعاس.. كأنّه ما وُجِد إلا ليؤرقني، إلا ليُتعبني..
الحروف شفرات نقتطعها من أعمارنا.. وكلّما استوت، آلمتنا أكثر..
محظوظون هم أولئك الذين تسري على ألسنتهم الكلمات الباذخة دون عناء.. لا يألمون لفراقها حيث لا تعود لهم متى نطقوا بها..
لكن لا.. محظوظٌ من يتلبّسه العفريت، فيحيا به ألف حياة، ويكتب به ألف قصة، ويتقمّص ألف ذات..
طال انتظاري لعفريتي هذه الأيام.. فقررت أن أكتب من غير عونه.. لكنني أكاد أسمعه يتمتم بالكلمات التي أكتب الآن.. أكاد أسمعه يصفّق ويقول:
"ما يُكتبُ بعناء، يُقرأ بلذّة"

ها هو ذا قد جاء.
September 13, 2015