Oct 27, 2014

بنود من القانون العالمي للجدّات




جلست قبالتها اليوم.
قليلة هي الأيام التي تسنح لي فيها الفرصة أن أراها. وقليلة هي الأوقات التي أحسّ فيها بأنّ كسر قيد النضج مسموح به، لأرتمي بين ذراعيها كما في السابق.
نعم،.. ربّما لو سألتني عن ملامحها، قد أخفق في تذكّر حفنة النقوش التي رُسِمت مجاورة لحدقتيها، لكنّني أستطيع أن أؤكد أنّها تغور بين كلّ لقاء ولقاء.. تماماً بقدر ما يزداد الشّوق.
حدّقت فيها تحمل إليّ الأطايب، كما تنصّ المادة الأولى من القانون العالمي للجدّات، التي تلزمها بعدم السماح لأيّ حفيد بإنهاء الزيارة إن لم تملأ معدته وجيوبه وكفّيه وفمه!
وإذ نزل نظري إلى جيبها، ذهبت سنين إلى الوراء..
أكاد أحسّ بساعديها يطوّقانني كَسورٍ منيع، وبأصابعها تداعبان خدي تارة، وتارة أخرى يهبط أحدها على أنفي فأضحك مغشياً عليّ.. أنظر وأحسّ بها تهدهدني، فأهوي بين يديها في غفوة، كأن لا أصوات تصرخ في داخلي.. كيف أحببتها؟ ومتى؟
تعود إليّ المشاهد تباعاً،..
أكبر قليلاً.
أمرض، فأتألّم، فتمتدّ يدها إلى جبيني، والأخرى إلى جيبها لتخرج بورقة نقديّة تدسّها في يدي الصغيرة، ثمّ تقترب لتقبّلني وتتمنّى لي السلامة. ولعلّ هذا هو البند الثاني من القانون العالمي للجدّات.
ثمّ تمضي الأيام، ويطلّ العيد.
 ودعني أهمس في أذنك شيئاً: إن لم تكن جدّتك عيدك، فحالك واحد من ثلاث:
إما جاهل بقدرها، فلا تستحقّ اتّباعها القانون
أو أنك في حال من يواسي نفسه بغيرها لِبُعدها، وأنت معذور مأسوف على حاله
أو أنّها مُخِلّة بقانون الجدّات (ولا أحسب ذلك صحيحاً في أيّ حال)..

بند آخر، من تلك التي تضيع بين محبّة الجدّات وحرصهنّ، تربيتةٌ منها على كتِفِكِ في إحدى الخطوبات لكي "تشدّي همتك" إن كنت فتاة، وغمزة لكَ لتتلقى الموافقة على بدء عملية البحث عن عروس لك إن كنت شابّاً.
وبين "المعمول"، و"الكبّة"،
وال"قضامة" وال"ملبّس"،
حلاوة شايِ في كأس تقدّمه إليك في ليلةٍ باردة،
ليس أحلى من وجودها بالقرب..
وبين جدّة لي، غيّبها انقضاء العمر، وأخرى-أطال الله بعمرها-، ترتفع دعوتان من القلب لا تردّ شيئاً من جميلهما.
December 27, 2014