رابط الكتاب:
في ظل فنجان قهوة
أو
في ظل فنجان قهوة
الكتاب على goodreads
on goodreads
بسم الله الرحمن الرحيم
في ظل فنجان قهوة
أو
في ظل فنجان قهوة
الكتاب على goodreads
on goodreads
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
اسمحوا لي أن أكسرَ الحدودَ المتكلّفةَ بيني
وبينكم، ولْتكنْ كلماتي أقرب إلى حديث ودّيٍّ من القلب إلى القلب قدر المستطاع.
تخيّلوا معي ذلك الدّكان الخشبي الأحمر
المركون في زاوية ملعب المدرسة. في ضيقه يقف
رجلٌ ضخم الجثة. ثمّ تخيّلوا فتاة صغيرة
تكاد تضيع في كفّيهِ، تعتاد الدخول إلى دكانه كالداخل إلى مكتب مديرٍ
ما، لِتحدّثَه. هي لا تذكر منه سوى سواد شعره الكثيفِ،
وابتسامته الصادقة.
كبرت
الفتاة، وكبر البائع. هي أخذتها الحياة
بعيداً عن ذاك الملعب، وعن تلك الزاوية، وعن ذاك الدكان، وهو أخذه الموت عن الحياة.
لكنّ مشاغلَ الحياةِ وهمومَ الدراسةِ ولقيا الأصدقاءِ غيبتْ ما بقي من ذكراه كالخُرقة
المرمية في جبّ عميق.
وذات ليلة، زارها في منامها معاتباً. جاء الحلم كالسيّارةِ يَمُرُّون بالجبّ ليشربوا،
فيَنتشلون الخُرقة من أدناه.
حدث أن كان ذلك البائعُ العمَّ أبا علي، وحدث
أن كانت تلك الطفلة أنا!
ذاك الحلم كان أوّلَ حُلُمٍ يوقظني فرحة، ثم
لا يلبث أن يُبكيَني. وعتابُ العمّ أبي عليٍّ لي كان أول قطعة نثرية نشرتها منذ
حوالي ثلاثِ سنوات. لكنّه قبل ذلك كان أول بسمة لي في كل فسحة. وكلماتُه الطيبةُ
تلك التي لم تُقَل لتُذكر بعد أكثر من خمسة عشر عاماً، فتحت له أبواب الدّعاء
كلّما ذكرته، وأسالت حبر قلمي بعد أن طال ركوده.
بعد عدّة مقالات متفرقّة، اصطفّت كلماتي بتواضعٍ،
تصفُ مشهداً طبيعياً ذاتَ مساءِ صيفٍ حارّ. ثمّ ما لبثت أن انزلقت الأفكار بقلمي،
فرأيتَني أحكي حكايةً لم أكن على دراية بنهايتها.
بَطَلَتُها تلك الطّفلة التي تبغض
النّضوج إنّما تتصنّعُه لتبلغَ مُناها. غلبَتْ على جملِ الحكاية النقاطُ، فرأيتني
أضع اثنتين هنا، وثلاثة هناك، أحسبها مساحاتٍ تنهّدتُ فيها متحسّرة على كلماتٍ لم
أتقن البوح بها حينها.
عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خرجت قصتي الأولى
بعنوان "أحلامي بالرصاص" إلى أصدقائي الذين تلقّفوها على شكل أجزاء، وتعايشوا
معها حتّى أن البعض وبّخني بسبب الخاتمة التي آلت إليها البطلة. كما ساعدني آخرون في
لملمة الأفكار لأنسجها جزءاً ثانياً للقصة على لسان أخِ البطلة.
تَلَت قصةَ "أحلامي بالرصاص" قصةٌ
أخرى بلغة أسهلَ، تحت عنوان "حين جف
القلم". ولعلّ في الأمر تناقضاً لا أفهمه، أو انحيازاً لشعبية قلم الرصاص في
ظلّ حكم ديكتاتوريّ ترأسه التكنولوجيا. لكنّ الجديد في الأمر أنّ أحداث هذه
الأخيرة كانت مستوحاةً من قصة حقيقية.
وبين قصّة مستوحاة من الواقع، وأخرى من صميم
شخصيّتي، جاءت قصة "خمسة أيام على حدود الذاكرة" لتتقمّص شخصيّة أخرى لا
تَمُتُّ إليّ بِصلِة، إذ حاولت فيها أن أبتعد عن ذاتي لأختبر قدرتي على تصوّر حالة
أخرى، في مكان وزمان آخرَين، مُظهرةً الحياةَ من وجهة نظر حاملِ قضيّة.
وبعد مدّة، تسلّح قلمي بقناع الرمزية، وتصنّع
الإدمان على القهوةِ، فأسقطها على كل ما مرّ أمامه في رحلته. جعل الحريةَ قهوةً،
والإرادةَ قهوةً، وكذا المبادئَ والخبزَ والحياة، مُلبساً دفّة كتابي هذا عنوان
القصة "في ظل فنجان قهوة".
ثمّ عدت بعدها إلى ذاتي في قصة "فصول من زيارتي
للعدم" ظن حيث رويت فيها سريعاً فصلاً فريداً من حياتي، يشترك مع ما سبق من
قصص بالتعطّش إلى الحرية، إذ قُيِّدتُ بسرير المرض، عافاكم الله.
أجمل ما في هذه القصص أنّها لم تُكتب لتُقيّد
بين دفّتي كتاب، وأغرب ما فيها غَيرتي عليها من التّعديل ، بالرغم من تواضعها، وحتّى
لو كان التعديل من قِبَلي. ذلك لأنّني
أراها أفكاراً وليدة لحظاتٍ لا يمكن تعديلها بالعودة من الحاضر إلى الماضي.
"الشيء الذي لا يمكن التعبير عنه
بكلمات، لا يمكن إدراكه إلا بالصمت"، هكذا تقول إليف شافاق في إحدى رواياتها. أمّا
أنا، فأرى الكلماتِ المكتوبةَ أبلغ تعبير عن مكامن النّفس، والقراءةَ أبلغَ إدراكٍ
بصمت. من هنا، وانطلاقاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من لا يشكر
الناس لا يشكر الله" ، ولأن الفضل لله أولاً وآخراً، أقف محتارةً بشكر من
أبدأ، إذ يسّرتم كشف الستار عن أفكاري وقوفاً عند القول بأن عقل الكاتب في قلمه.
فللجامعة
اللبنانية الدولية،( بشخص رئيسها الأستاذ عبد الرحيم مراد، مديرها الإداري الأستاذ
باسم هزيمة ، مديرها الأكاديمي الدكتور أحمد فرج، الدكتور يوسف الصميلي، الأستاذ
محمود فرحات، وكوادر التنظيم،) جزيلُ الشكر لتبنّيها إخراج كتابي الأول بمحتواه
المتواضع إلى حضراتكم، وإدراج هذا الحفل ضمن برنامج المدينة الثقافية لهذا العام.
كما لأساتذتي، على اختلاف اختصاصاتهم في
مختلف المراحل الدراسية، شكرٌ جزيلٌ لتقويم حروفي، وحثّي على تنمية الجانب الأدبي.
ولا يغيب عنّي شكر أصدقائي الذين منّ الله
عليّ بهم، إذ تابعوا كلماتي، وأصرّوا على التزامي مسيرة الكتابة.
شكرٌ خاصّ لكلّ من حضر هذا الحفل من إداريين
وأقارب، وأصدقاء، ومحبّين، وإخوة، وممثّلي مدارس وهيئات تعليمية.
إلا أن مسك الختام، شكرٌ بدأت به أوائل صفحات
كتابي:
إلى الذين كانوا أول الحروف على شفتيّ ومن
عطائهم استلهمت أبجديتي، إلى أبي وأمّي.