May 9, 2014

نصف الأسر الفلسطينية تحت النار

كتبت في 7 كانون الثاني 2011 لموقع الأسرة الفلسطينية







حين عجزت عن كبح إصرارهم، ودحر عزيمتهم، وتغييب كلمة الحق عن ألسنتهم، قامت بالتزنر بمدرعاتها، متلثّمة بادّعاءات ردع العنف..ثم وجّهت فوهة البندقية على من لا حول لهم ولا قوة... هذه هي آلة الحرب الإسرائيلية كانت وما زالت تصب اهتمامها على الأسرة الفلسطينية، ولكنّه اهتمام من نوع آخر، حيث أظهرت نتائج المسح الوطني للإحصاء الفلسطيني حول العنف للعام 2011 أن حوالي نصف الأسر الفلسطينية تعرضت لعنف مباشر من قبل قوات الاحتلال/ المستوطنين خلال الفترة التي سبقت تموز2010 وكانت النسبة الأعلى في قطاع غزة49.1% أما في الضفة الغربية فقد كانت النسبة الأعلى في محافظة قلقيلية 60.0%.

أسرة "عايدي" خير مثال على عنف جنود الاحتلال في غزة، فالعائلة تتكوّن من حسين العايدي وزوجته وأمه وأطفاله الأحد عشر الذين سجنوا داخل شقتهم بالمنزل وحرموا من مغادرته وإن حاولوا فالرصاص والنيران لهم بالمرصاد من قبل جنود الاحتلال الذين طوقوا المنزل واحتلوا طابقه الثالث وسطحه وأقاموا فيه رغم أنف أصحابه.

ورغم مغادرة جنود الاحتلال لمنزل "عايدي" بشكل جزئي إلا أن ظروف حياتهم لم تتبدل، فإطلاق النيران لا ينقطع والمخاطر التي تهدد حياتهم وحياة أطفالهم تتواصل، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فأخوة "حسين" القاطنين في منازل مجاورة لمنزله تعرضوا بدورهم لممارسات ومضايقات اضطرتهم للمكوث في منازلهم منذ بداية انتفاضة الأقصى وإلى الآن، أما توفير الطعام فهو جريمة تسجل بحق كل من يحاول أن يرتكبها حيث تلاحقه الرصاصات التي قد ينجو منها وقد لا ينجو.

أمّا "أم علي" فقصّتها تحمل معان تجسد أيضا عنف الاحتلال ضد الأسرة الفلسطينية، فبعد تهجيرها وعائلتها من بئر السبع ثمّ من القدس، ما زال شبح التهجير يلاحقها، حيث أن قوات الاحتلال تهدّدها بهدم "خيمتها" على رأسها، بالرغم من دفعها للغرامات التي فرضتها السلطات عليها. وتزيد الأوضاع المعيشية من سوء حالتها الصحية وذلك لا يشفع لها حتى لا تكون عرضة للاقتحامات الدورية. 

وفي المقابل، ينال ذوو الأسرى حصتهم من الإهانة والعنف قبل وبعد كل لقاء. فإدارات السجون تقوم في بعض الاحيان بإلغاء الزيارات بعد تكبّد الأهالي عناء السفر، وتعرضهم للتفتيش المهين صغاراَ وكباراَ.

هكذا هي قوات الاحتلال في الداخل الفلسطيني، متأهبة الّترسانة العسكرية على الدّوام لمقاومة الشّرائح الضعيفة. وحين فشلت في غرس مبادئها، أعلنتها حرباً نفسية على المارّين عبر حواجزها العسكريّة المنتشرة في كافّة الأراضي المحتلّة .ومن ضمن هذه الحرب النّفسية، فنّ إطلاق الإشاعات، والتي يتكفّل بها سائقو التاكسي وبعض الحلّاقين. فعلى صعيد المثال، قام أحد السائقين بإخبار إحدى الأمهات عن اختطاف عدة أطفال وتقطيعهم ثم رميهم في القمامة وهم في طريق العودة إلى المنزل. فسارعت الأم إلى إحضار ابنها من المدرسة، وامتنعت عن إخراجه من المنزل... 

وبالطريقة ذاتها انتشر الخبر وسادت حالة من الهلع والتّوتّر إلى أن جاء تأكيد من الشرطة أنه لم يتم تسجيل أي حالة اختطاف في الآونة الأخيرة... فلم يكتفوا بالعنف الجسدي فقط بل مارسوا العنف النفسي وكافة أشكال العنف على العائلات الفلسطينية لترهيبها وترويعها.

فيها الشهيد والأسير، وصانعة الأجيال، وغرس الغد. هذه هي الأسرة الفلسطينية المكبّلة بحزام متجدد من الإخطارات... القابعة تحت شلال من النار، بانتظار وقف العنف بحقها والنظر اليها بعين الرحمة والانسانية.
حنان فرحات – البقاع