كانت شجرةً عملاقةً، تحب الجميع ويحبونها.. وكانت تطرح ظلها على الأرض ليحبوَ الأطفال، وعلى الحائط ليتسلق الفتيان، ثم تتطلع إلى أعلى فتفرش بقاياه على الشرفة كي يجلس الكبار...
ثم جاء يوم وكبر الطفل الذي كان يحبو، وما عاد متسلقاً للجدران، فقد وجد له قلباً مستَقَرّاً. هوى الوالد بالفأس على الجذع ينتزعه انتزاعاً كي يبني جدراناً أخرى يتسع في رقعتها الفيء...
وصار طفل الأمس أباً، وصار له ابن، وأتبع بأخوة كُثُرٍ، كلما أووا إلى الفراش سمعوا أنين اشتياق. كان الجذر حانياً عنقه تحت وطأة المنزل، يحاول عبثاً أن يخرج ويرفع أغصانه ابتهالاً إلى السماء... وظل الوالد يرى كلما خلد إلى النوم ظل الشجرة يمد يديه إلى قلبه يعتصره ليستجديه، فيستيقظ هلعاً.
حنان فرحات | ٢٠١٨