Aug 16, 2017

قرار مَلَكيّ

"لم تَعد هناك حاجة للحراس. وبدل الاستنفار العام، قرر الملك ان كل الموظفين في حِلٍّ من وظائفهم وأعطاهم إجازة مفتوحة. مفتوحة بقدر أربع وعشرين ساعة فقط.. إذ إن إشعارات المركز الفلكي واضحة: سيضرب نيزك الكوكب منتصف الليلة القادمة ولا تدابير يمكنها إنقاذ أكثر من خمسة من الآدميين.

نظر سامي من النافذة فوجد الشوارع فارغة. شغل التلفاز فوجد فلماً وثائقيا عن الفيلة يغطي أسفل صورته شريط يعلن توقف القنوات عن البث المباشر لتفرّغ المذيعين والمنتجين والمصورين والمدراء وكافة العاملين لحياتهم الخاصة.

عاد إلى النافذة عله يرى جاره الحشري فيدعوه إلى فنجان قهوة، لكن الجار كان قد اختفى.

توجه إلى سريره ليرتبه، ثم فكر بأنه لا جدوى من ذلك بعد الآن.. فهو لن يحتاجه من بعد منتصف ليلة غد.

ذهب إلى الحمام يغسل وجهه، فأزعجه منظر علبة معجون الأسنان الممتلئة حيث إنه لم يستفد منها مع أنه أخر موعد عودته مساء إلى المنزل منذ يومين بسببها.

توجه إلى المطبخ وفتح الثلاجة.. أيقن عندها أنه يستطيع أن يأكل أي شيء دون ان يحتسب السعرات الحرارية ذلك أنه لن يعيش حتى يحمل همها، لكنه لم يحس برغبة في تناول أي شيء...

قرر أن عليه الخروج والاستفادة من كل قرش جناه من قبل. فكر ملياً، لا يمكنه الذهاب الى المكتبة لأن عامل المكتبة سيكون في منزله.. ولا الى مدينة الملاهي في عز الظهيرة.. ولا إلى الدكاكين التي تركت مشرعة الأبواب حيث لن يكون لها في اليوم التالي حاجة..

رمق أزهاره بطرف عينه حيث لن تُجديَ سقايته لها الآن في المرة الوحيدة التي وجد فيها وقتاً لذلك. وبعد الإمعان في التفكير، قرر أن يجلس عند عتبة منزله حتى تحين ساعة الصفر. لم يطل انتظاره طويلاً، حين بدأت السماء تُظلم.

يبدو أن الملك لمرة واحدة في عمره قد احسن صنعاً بتأخير إصدار القرار. "

حزيران 2017
حنان فرحات