مستوحاة
من قصة حقيقية
"قلبي يتسع لكم
جميعا...”، هكذا كانت تقول أمي عندما يسألها محمود إن كانت تحبه أكثر مني، وهو كان
يرد بأنه سيبسط رجليه بما أن المكان واسع في قلبها.
نعم، كان واسعا
جدا..
كان واسعا بما
يكفي ليستقبلنا بشوق عندما نعود من العمل تماما كما كان يفعل عندما كنا أطفالا
صغارا..
باللهفة ذاتها
لإطعامنا كما لو أننا لم نأكل منذ دهر، مع أنها تحرص على إطعامنا صباحا قبل أن
نغادر وتعطينا ما يكفينا من الطعام كي لا نجوع..
بالخوف ذاته
علينا من أن نبرد إن لاح الشتاء من بعيد، فتغرق أسرتنا بالأغطية والملاءات التي
تكفل درجة حرارة تستقر على 40...
بالحرص ذاته
الذي يمنعنا من التلذذ بالبوظة إن ما بدأ الخريف كي لا يصيبنا السعال، والذي يغلي
لنا التين الأسود والسفرجل إن ألمت بنا كحة ثم يذيب العسل بمياه فاترة ويتبعها
برقية ولوم للحساد..
كف أمي كان
دائما ولم يزل أدفأ من مدفئة، والنوم في فراشها أسرع مفعولا من مسكن آلام، ودمعة
من عينها أصعب من طعن السكاكين، وبسمة على وجهها أبهى حلة من طوق ياسمين.
قلبها كان الذي
يتكلم عندما تنبهني أن لا أشبع قبل أن يشبع أخي، فصرت لا آكل قبل أن يأكل.. وقلبها
الذي كان يؤنبني عندما أخطئ فيكون درسا أحفظه كي لا يؤنبني غيرها عليه.. وهو الذي
كان يحرسني بدعاء يتناغم مع دقاته.. وهو الذي لا يفتأ يتعبني بعزة النفس إن احتاجت هي لكوب ماء..
قلبها ذاته
الذي يتسع للجميع، أنهكه الجميع. أصبح ينبض بتثاقل، فيصمت ويتغاضى عن المشاكل..
حتى لم تعد المشكلة إلا فيه.
قال الطبيب
إنها تستطيع استبداله بآخر، مع ضآلة احتمال نجاح العملية.. لكنها رفضت.
خافت أن لا
يتسع قلبها الجديد لرجلي محمود.