Oct 13, 2013

هات عنك




"عمّو" هذه السّنة لن يطرق بابنا، ولا باب الجيران.
ليس لأنّه لم يعد يحبّنا.. ولا لأنّه مشغول..  بل لأنّ بابنا لم يعد لنا، وباب الجيران لم يعد موجوداً.
ولأنّ احتمال رؤيته أصبح أقرب إلى الحلم، قرّرت أن أتشبّث به كي لا أخرج عن التّقاليد.
لكن حتّى الحلم لم يحتوِ باباً..
قلت ل"عمّو" بنبرة منخفضة: لم لا تفعل مثل "سانتا كلوز"؟ تسلّل من المدخنة وشاركنا السّهرة كما في كلّ عام..
كنت أعلم أنّ أمّي ستغضب من الفكرة، خاصّة أنّها نظّفت البيت على مدار أيّام لاستقباله، ولم تكن لترحب بتلويث السّجّاد بالرّماد.. لكنّني أصّرّيت إذ لا مدخل غير ذاك.. وأنا أخاف إن لم أُدخِل "عمّو" أن يُضيع طريقنا إلى الأبد..
"عمّو" كان بسمةً، إن ضلّ الفرح طريقه إلينا، خذلته وارتسمت على وجهنا..
وبما أنّ الطّقس باردٌ قليلاً، قرّرت أن أوقد النّار في الموقد كي لا يبرد "عمّو" ويستعجل المغادرة..
جئت بعود ثقاب وقليل من الزّيت وبدأت عبثاً أحاول... لكنّني فشلت حتّى بعد رجائي للعود أن يشحذ همّته ويولّد لنا شرارة ندفئ أوصالنا بها..
نظرت إلى "عمّو"..
كان على غير العادة فارغ الجياب من الحلوى..
نظراته باردة..
شفتاه زرقاوتان..
ربّت على كتفي بيديه المتعبتين باحتراف.. كأنّه امتهن التّربيت بدل رسم الابتسامات..
وبينما تحسّست برودة كفّيه، انتقل البرد إلى أوصالي، فانتفضت أرتجف..
فتحت عينيّ..
"عمّو" لم يأتِ!
وأمّي لن تغضب لأنّها لن تعيد تنظيف السّجّاد من الرماد.. لأنّها .. أصبحت والسّجادة والرّماد شيئاً واحداً أفتقده في زاوية الخيمة..
هنا لا نملك أمّاً، ولا باباً، ولا مدخنة موقد..
هنا لا نملك جورباً نعيره ل"عمّو" كي لا يبرد..
أتراه سيأتي إن علم بذلك؟ أو أنّه لن يعرف الطّريق إلينا؟
"عمّو العيد".. إن حقّاً أصبحت مهنتك التّربيت على الأكتاف فهات عنك.. أنا أريد أن أفعل ذلك.. ربّما بالاحتكاك أدفئ كفّيّ قليلاً..

October 13, 2013