Oct 20, 2013

يومَ خلعتُ نظارتي




اليوم خلعت نظارتي،.. وألصقت على بؤبي عدسات شفافة لا ترى بالعين..
لكنها ليست ذات مفعول عادي، بل على العكس..
بادئ الأمر أحسست بها تتحرك في عينيّ، وكأنها لا تريدني أن أرى،..فلاح غشاء سواد أمام عينيّ يحول بينهما وبين العالم حولي..
لكنني سرعان ما فركت عينيّ بأصابعي علّني أعيدها إلى مكانها ،حتى استقرّت مجهَدةً، قبل أن تَبلى من هجوم يدي..
للوهلة الأولى هالني ما رأيت!
فالصحيح أن في عينيّ ضعفاً، لكن على ما يبدو أن هذه العدسات أحدثت مفعولا عكسياً.. فرأيت كل شيئ أصغر مما يبدو في الباحة حولي..
أيعقل أنّ كلّ ما نراه هو فعليا أصغر حجما؟؟  أم ترانا نراه ونحلّله ثم نعطيه أكثر من قدره؟تجاهلت المشهد العام ومشيت باتجاه صفّي في الطابق الثاني من المبنى الثاني..
على الدرج صعوداً، أشخاص تبدو أدمغتهم داخل رؤوسهم.. لكنها صغيرة الحجم قليلاً.. وأشخاص سود الأجسام، كأنهم ظلال، .. وآخرون مثلهم، ولكن في صدورهم بذرة من ضوء..
سرت قليلاً والعجب مرتسم على محياي وصولاً إلى الممر، وهناك العجب!
الناس كلهم لونان، أبيض أو أسود، أو مزيج غير متجانس منهما..
فبجانب الحائط، بدت لي فتاة ناصعة البياض، وإلى جانبها أخرى تشبهها، مع اختلاف بسيط تمثّل ببذرة سوداء جهة القلب.. وقريباً من إحدى الصفوف، يتّكئ شاب ذو محيا أسود يذوب به بعض البياض كأنّما زيد رغماً عنه..
وكيفما نظرت، رأيت أشكالاً لا توصف، ومناظر لا تُرى..
أسرعت لأجد صفي، ودخلت..
على الطاولات كلمات وخطوط متفاوتة السّماكة.. واللوح الأبيض مزدحم بعبارات ضخمة تكاد تنفجر منه..
لحظات ودخل شخص ضخم لا يكاد يعرف لونه، إلا أن ما يميزه هو دماغه الذي يكبَر رأسه..
ولم يبدأ هذا الشخص بالكلام حتّى أحسست بضجيج لم أسمعه قبلاً..فوضعت يديّ على أذنيّ، ونظرت حولي، إلا أن أحداً لم يبدِ انفعالاً ملحوظاً..
صبرت قليلاً، .. لكن مع مرور الثواني، أصبحت أشعر بأزيز في رأسي، فانتفضت وفتحت الباب وخرجت بسرعة أركض وأركض.. وحين بدأ يخفت الصّوت وقفت قليلاً.. ثم بسرعة مددت يدي إلى عينيّ وانتزعت العدسات.. وباليد الأخرى، انتشلت نظارتي من جيبي ووضعتها أمام عينيّ..
عاد كلّ شيء طبيعياً..
2013