التقَطَتْ لوح
شوكولا من على رفّ مزدحم بالأنواع والأشكال، ثمّ قدّمَتْه للبائع الذي طلب
بالعملة اللّبنانية ما يساوي دولاراً أمريكياً بالمقابل.. سحَبَت المبلغ من
حقيبتها ودفعته ثم التفتت إليّ وقالت بطرافة: "سعره يساوي سعر ربطةٍ
خبز"، فضَحِكْتُ.
منذ ذلك
اليوم، كلّما قصدتُ شراء شيء من ذلك الدكان، أقوم بتحويل سعره إلى ما يعادله من
"ربطات الخبز". ولعل للقارئ أن يظنّ تلك الصّديقة غير ميسورة مادياً، أو
أنّ في نفسها شيئاً من البخل الذي ينتقل بالعدوى ما إن تُحدّثَ أحداً به، لكنّ كلّ
ما في الأمر أنّ لها حسّاً مرهفاً يعاني من كثرة التفكير اوالتّحسّر على كلّ
إسرافٍ كان لِيُشبع عائلة.
الغريب في
الأمر أنّ ثلث الدّولار الذي كان كافياً غالباً لإشباع طفولتنا من أكياس الذّرة
المحمّصة والسّكاكر، لا يكفي ضعفه لِمَلْءِ عيون النّاظرين إلى رفوف المحالّ
المكتظّة بما تشتهي الأنفس. وفي هذا السّياق، أذكر يوماً أنّ إحدى الحملات
الإغاثية كانت تسعى لتأمين حاجات خمسين عائلة معوزة، ما دفعني لتخمين كميّة الخبز
لاستهلاك يومٍ واحد، والتي تساوي حسب قاعدة الصّديقة تلك: لوحَ شوكولا لكلٍّ من
خمسة أصدقاء على مدى عشرة أيام.
هذا لا يعني
أنّ على كلّ واحدٍ منّا مقاطعة كلّ منتج يساوي سعره سعر ربطة الخبز أو يتجاوزه..
بل دعوة بسيطة على مشارف شهر رمضان: أن لا نبخل حين تصل أيدينا إلى صناديق
التبرّعات، ولا تدنو نفوسنا عند آجال الصّدقات، كما لا تفعل حين تٌفضّلُ البوظة
الفاخرة على تلك العاديّة، أو تَطلبُ السّوشي.