بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صدفةٌ غريبةٌ أن أدرك في اللحظات الأخيرة أنّ
شهر نيسان، الذي يحتضن هذا الحفل في يومه الأول، قد حفر في ذهن الكثيرين ذكرى
مؤلمة، لم تتعدّى نصف السطر في الصفحة الثامنة من بعد المئة من الرواية التي نجتمع
لأجلها اليوم:
"بعدما أسقطت عليها القنابل، سقطت
حيفا".
اُتّهَمُ في بعض الأحيان بأنني لا أكتب إلا
الحزن، لذا اسمحوا لي أن أوضح: بعض الأحزان يجب أن لا تنسى. لكنّني لا أقصد بهذا
أبداً أن نجلس ونبكي على ما فات، بل أن نستمدّ منه القوة حتى نصل إلى ما نريد..
ولعلّ ذلك يكون في نيسان!
..
إنّ المرء حين يضع نُصبَ عينيه همّ الإنجاز،
لا يعوّل كثيراً على الدّعم من حوله. لكنّني إذ أرى هذه الوجوه المحبّة من:
أصدقاء أعرفهم شخصياً،
وآخرين لم أعرف منهم إلا أسماءهم عبر وسائل
التواصل الاجتماعي،
وعائلة لم تزل تدعمني في كلّ محطّة دون تفريقٍ
بين خسارة وفوز،
ثمّ أن أجد نفسي أطلقُ روايتي الأولى، من بعد
المجموعة القصصية التي سبقتها بسنتين وأُطلقت من ذات المكان، من جامعتي وبين
أساتذتي وزملائي، برعاية معالي رئيس مؤسسات الغد الأفضل الأستاذ عبد الرحيم مراد،
فهذا يعني أنّ الجامعةَ أضحت أكثر من صرحٍ علميّ نتلقّى فيه العلم، وصارت أشبه
بمنزل وعائلة.
لا يسعني بحضوركم إلا أن أؤمن بأنّ دعمكم
يزيد من المسؤولية عليّ ويدفعني للمضيّ قُدُماً في هذا المجال.
منذ زمن غير بعيد، كان أكثر ما يزعجني الجلوسُ
مكانكم والاستماعُ لمتحدّث ما.. ربّما يعود الأمر لقلّة وعيٍ حينها، أو لجهل
المتحدّثين في بعض الأحيان بمفاتيح الإصغاء لدى الحضور.. هذا الأمر بالذات جعلني
أفكّر كثيراً بما أريد أن أخبركم حين يأتي دوري للكلام.. ولكنّ الأمر مُربِكٌ
أكثر، حين يكون متعلقاً بكتاب.. لأنّ ذلك يعني حضوراً من شخصٍ واحد أمام مُتحدّث
سكب أفكاراً على ورقٍ، لا يضمن هل ستنجح في أسر القارئ أم لا حتى تصله الرسائل
المحمولة فيها.
ثمّ حدث وأن كتبت إحدى الصديقات سؤالاً على
حسابها في فيسبوك، تستنكر فيه قُبحَ أسماء الشخصيات في الروايات المؤثرة عادة. لذا،
أبشركم بأنّ أسماء الشخصيات المحورية غير مألوفة، فالرواية تدور حول
"مَنيف" و"رابعة".
أمّا منيف، فهو اسم أًصله بضمّ الميم لكنني فضّلت الفتحة لأنّها الطريقة
المعتادة للفظ الأسماء قروياً. وأمّا رابعة فهي عمّةٌ لِجَدّي، حاولتُ البحث عن
سيرة حياتها لكنّني لم أنجح في الوصول إلى معلومات إلا بعد الانتهاء من كتابة
الرواية، فاستعضت عن قصّتها باسمها فقط، ولأجل الصّدفة عرفت لاحقاً أنّها ولّادةُ
الأستاذ الفاضل زاهي القادري، ولكن بعد أن قام مشكوراً بتدقيق الرّواية لغوياً!
إنّ
الرواية الناجحة هي تلك التي تجعلك تألف شخصياتها، لذا فإن وجدتم الأسماء غريبة
قبل القراءة فذلك لا يهمّ.. بالنسبة لي، الأهمّ أن لا تجدوها غريبةً بعد ذلك.
كيف جاءت فكرة "فاقد الهوية"؟
الصفحة رقم 7 سبعة والصفحة رقم مئة وأربع
وأربعون 144 فيهما الإجابة، مع العلم أنّ هاتين الصفحتين هما الوحيدتان اللتان
تحتويان على أحداث حقيقية، وما تبقّى مستوحى من الواقع إنما لا يتطابق معه.
جائزة وزارة الثقافة للناشئين عام 2015 تقول إنّ
في الرّواية ما يستحقّ أن يُقرأ.. لكنّ الحقّ يُقال، إنّ الرواية حين تنتقل
لأيديكم، سيصبح الرأي رأيكم.
أودّ في الختام أن أخصّ بالشكر الأستاذ زاهي
القادري لمساعدته لي في تدقيق الرواية لغوياً، والصديقتين آية عواض وبيان عبد
الخالق لإخراجهما غلاف الطبعة الأولى من الرواية. كما أودّ أن أشكر الصديقة خولة
حمدان لمواكبتها لي، قراءةً للرواية، على مدى السنتين اللتين كُتبت فيهما.
الشكر لكم فرداً فرداً لحضوركم،
أترك رواية فاقد الهوية بين أيديكم، ولسان
حالي يقول: تصبحون على قلوب لا غربة فيها.
حنان فرحات
1-4-2016