Oct 18, 2017

خريف

وصل الخريف أخيراً.

كانت تنتظره بشوق لتُسدل ذراعيها وترمي بأوراقها جانباً. جبانةٌ أمام سؤال الأوراق إذ تتخلى عنها، فتُلفّق تهمةً لتبدّل الفصول.

كانت ترغب حقاً في الانتقال إلى فصل جديد، لكنّ حزنها العصِيّ صعّب المهمة. كيف تنتقل وهي لم تذرف الدمع اللازم بعد؟ وكيف تغادر حقبةً ولمّا تغلق على ذكرياتها الحقيبة؟

هل تستطيع ببساطة أن تكمل طريقها كأن شيئاً لم يكن؟ كأن قلباً لم يخفق لأحد، وحذاءً لم يهترئ  من الذهاب والإياب في حضرة الانتظار..

كيف تكذب على نفسها مرة جديدة فتدّعي القوة وهي تحلف للمرة المئة، كاذبة، مرتجفة، أنها لن تكذب!

هل تصدق عيناها نظراتها التي ترمقها شزراً من المرآة؟ أم تواري حنينها وتمضي وفي جيبها أمنية بأن تمطر السماء مظلات؟

هل تأتي لها عواصفُ الشتاء بالدفء كما اعتادت؟ أم إن أناملها ستجرب ولو لمرة خدر الصقيع؟

أسئلة كثيرة تراودها كلما تركت القلم ونوت الاعتزال.

ثم فوقها كلها يتبادر إلى ذهنها أن من حق الحزينين في هذا العالم أن يتقاسموا خبزه.. فإن لم يكن تدوينها له بلسماً لها، فليكن مسكّناً لغيرها.

تعيد الأوراق مرة أخرى إلى مكتبها، وتدفع بيدها اليسرى فصل الخريف قليلاً تستمهله بينما تنهي حديثها مع الكلمات. وبينما تفعل، يغضب فيعصف بكلماتها ليبعثرها.. لكن ذلك لا يفعل شيئاً أكثر من أن يزيد تخبّطها جمالاً.

حنان فرحات | تشرين الأول ٢.١٧