كنت أظن أنني لا أستطيع التفلّت من الأماكن بسهولة. كنت أرى قبضتي مغلقة على كل شيء.
ولكن كل شيء كان ماءً.
في البداية كنت أفتح كفّي لصنبور المياه فتتدفق مالئة إياه بشعور الاكتفاء.
ثم شح ماء الصنبور، فوضعت يدي الأخرى بجانب الأولى علّها تحفظ ما يكاد ينفذ. لكن فصل الحرّ حان.
والماء، مهما حاولت، ماء.
قلتُ أقبض عليه فلا يسيل. لكنه مر من بين أصابعي، لا كالأسير.
قلت أفتح يداي للصنبور من جديد. لكن ماءه لم يعد.
صرتُ أنظر إلى كفّاي وأذرف الدمع. أتذكر ما كان فيه من صفحةٍ تتلألأ عليها صورة السماء كأنها تسير، كلما هوَت قطرة جديدة من عين الصنبور.
أتذكر كم كان سخياً، ووافر الماء.
لكن الدفء جفف يداي اللتان بقيتا تنتظران الماء.
صارت تنظر مقلتاي إلى الصنبور والكفّين وتتنهد.
وبينما امتدّ الانتظار مع النهار، نكزني أحدهم مشيراً إلى يميني..
كان هناك صنبور آخر، وافر الماء، سخي العطاء، كفيل الاكتفاء.
كنت أظنني أستطيع الحفاظ على الماء، لكن الماء كان كله أماكن..!