انتظرتك يا أيلول صيفاً كاملاً، ألهبَتْ شمسه قلبي... أنا التي لم أميّز يوماً بين الألوان أو الفصول أو الأشياء، قررت هذا العام أن الخريف أجمل في بيروت. فهل ألطف من نسمة تداعب وجهي فيما يصفع الصقيع والحرّ خدّي غالب أيام السنة؟
ولما جئت يا أيلول، ملأت أوراقي بالمخططات والمواعيد... وصرت أركض أسابق الوقت، وإذ بك تغادر قبل أن أنهي ما بدأت.
لم تنته القصة، ولم تتحقق الأهداف، وصار البال مشغولاً بأشياء كثيرة جدا، لا يتقاطع أي منها مع أيامنا في الماضي القريب.
هل أحبك بعدما تعذر اللقاء؟ أم أشتهي منظر الشجرة الذي اعتادته عيني من نافذة المطبخ، مصفرة أوراقها لأيام قليلة؟
لم أكفر يوماً بالروتين، ولم أتأفف مرةً من العادة، ولم أنس يوماً أن السقف الذي يظلل رؤوسنا، والجدران التي تعانق قلوبنا، والغرف التي تختزن ذكرياتنا، هي نعمة كبيرة لا تقدر بثمن... ومع ذلك كله، أصابتنا الفُرقة..
ولو أنك يا أيلولَ المدينة غيرُ أيلول الذي اعتدتُ طوال خمس وعشرين سنة، لكنني ألِفتك، وتواطئت معك على فرح مستتر، وأحببتك كما لو أنني أعرف الفصول لأول مرة..
وها أنت ذا ودعتنا على عجل، وجاءت رسالتي إليك متأخرة، لا أعرف أأحمّلها في طياتها الشوق أو العتاب.. ولكنني إذ أكتب لك، أدرك أنني قد كبرت.. صارت لي تفضيلاتي الواضحة بعيداً عن المجاملات.. وصرت أنت موعداً لا يُضرب بمحض الصدفة..
إلى لقاء آخر إذا كَتب الله لنا عمراً..
حنان فرحات | شحيم، ١١ ت١ ٢٠٢٤