Nov 25, 2022

رسالة رقم ٢

شهد الغالية، 🍯

كل يوم يولد أطفال في هذا العالم. كل يوم يغادر أحدهم رحماً حنوناً إلى عالم يُظنّ أن يكون أكثر إشراقاً. كل يوم يصرخ أحدهم صرخته الأولى فيما يبتسم والداه، مذعورٌ لفراقٍ يظنه آخر الحياة، فيما يكون مجرد بداية.

تسير الأيام ببطء فيما ينظران إلى عينيه، حتى إذا ما التفتا عنه قليلاً هرولت الساعة كأنها تغافلهما. بعد أشهر قليلة وأخرى كثيرة، ينظران إلى الصورة الأولى بشغف ثم يقول أحدهما للآخر: كأنه الأمس!

يراقبان حركاته كأنهما في إعدادٍ مستمر لاختبار مهم. يتدارسانه، وزنه وطوله وملامحه، سَكَناته وردّات فعله، نومته وجلسته ووقفته وحروفه ونظراته.. يقارنان نموّه بمعدلاتٍ عالمية، هل يواكبها، أم يتقدم عنها، أم يتأخر؟

يفهمان معجزة الكون، كيف كانا وإلامَ صارا.. ويتفكران في غَدِه. لكن فيما هما في غمرة الأحداث وتسارعها، يظنان وليدهما الأفضل والأذكى والأعزّ إلى أي قلب على وجه الأرض... أنّ أحداً لم يكن بذكائه فيما يخطو خطوته الأولى، وينظر نظرته الأولى.. أنه الوحيد الفريد، الذي لا أفضل منه ولا أغلى.. ناسينَ - أو متناسين- أن المعدلات العالمية هي نتيجة لولادات كثيرة كانت كلها لأطفال يشتركون في أنماط وطرائق النمو.. 

أتعبتك يا ماما بحديثٍ حدثتُ به نفسي؛ الخلاصة يا عزيزة، كأنك قدِمتِ الأمس. وكأنك الأذكى على الإطلاق؟

أمك
بيروت في ٢٥ ت٢ ٢٠٢٢

*جعل الله لكل وليد حضناً دافئاً وسكناً آمناً، ولا حرمَ زوجين الذرية الصالحة🙏